الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع
.فَصْلٌ: صفةُ اللِّعَانِ: «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ». (وَفِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَفِي سَائِرِ) أَيْ بَاقِي (الْبُلْدَانِ فِي جَوَامِعهَا وَتَقِفُ الْحَائِضُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ) لِلْعُذْرِ (وَ) فِي (الزَّمَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاَللَّهِ} وَالْمُرَادُ صَلَاةُ الْعَصْرِ عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ وَقَالَ أَبُو الْخَطَّاب فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَ(بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ) أَيْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، لِأَنَّ الدُّعَاءَ بَيْنهمَا لَا يُرَدُّ (فَإِذَا بَلَغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخَامِسَةَ أَمَرَ الْحَاكِمُ رَجُلًا فَأَمْسَكَ بِيَدِهِ فَمَ الرَّجُلِ وَ) أَمَرَ (امْرَأَةٌ تَضَعُ يَدهَا عَلَى فَمِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ يَعِظُهُ فَيَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّهَا الْمُوجِبَةُ وَعَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ «يَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُمْسِكَ عَلَى فِيهِ فَوَعَظَهُ وَقَالَ وَيْحَكَ كُلُّ شَيْءٍ أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فَقَالَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَأُمْسِكَ عَلَى فِيهَا فَوَعَظَهَا، وَقَالَ وَيْحَكِ كُلُّ شَيْءٍ أَهْوَنُ عَلَيْكِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ» أَخْرَجَهُ الْجُوزَجَانِيُّ. : (وَإِذَا قَذَفَ نِسَاءَهُ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (بِلِعَانٍ) لِأَنَّهُ قَاذِفٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَقْذِفْ غَيْرَهَا، وَلِأَنَّ اللِّعَانَ أَيْمَانُ الْجَمَاعَةِ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَالْأَيْمَانِ فِي الدُّيُونِ (فَيَبْدَأُ بِلِعَانِ الَّتِي تَبْدَأُ بِالْمُطَالَبَةِ) لِتَرَجُّحِهَا بِالسَّبْقِ (فَإِنْ طَالَبْنَ جَمِيعًا) مَعًا (وَتَشَاحَحْنَ بَدَأَ بِإِحْدَاهُنَّ بِقُرْعَةٍ) لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ غَيْرِهَا (وَإِنْ لَمْ يَتَشَاحَحْنَ بَدَأَ بِلِعَانِ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ وَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (مَعَ الْمُشَاحَّةِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ صَحَّ) اللِّعَانُ. (وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ خَفِرَةً) بِفَتْحِ الْخَاء وَكَسْرِ الْفَاءِ وَهِيَ شَدِيدَةٌ الْحَيَاءِ ضِدَّ الْبَرْزَةِ (بَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يُلَاعِنُ بَيْنهمَا نَائِبًا عَنْهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُ عُدُولًا لِيُلَاعِنُوا بَيْنهمَا، وَإِنْ بَعَثَهُ) أَيْ النَّائِبَ (وَحْدَهُ جَازَ) لِأَنَّ الْجَمْعَ غَيْرُ وَاجِبٍ كَمَا يَبْعَثُ مَنْ يَسْتَحْلِفُهَا فِي الْحُقُوقِ، وَلِأَنَّ الْغَرَضَ يَحْصُلُ بِبَعْثِ مَنْ يَثِقُ الْحَاكِمُ بِهِ، فَلَا ضَرُورَةَ إلَى إحْضَارِهَا وَتَرْك عَادَتِهَا مَعَ حُصُولِ الْغَرَضِ بِدُونِهِ. .فَصْلٌ: شروطُ اللِّعَانِ: .أَنْ يَكُونَ (بَيْنَ زَوْجَيْنِ) وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ: قَالَ فِي الْإِنْصَافِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرِّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ انْتَهَى وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَالْمُنْتَهَى فِي الصَّدَاقِ (عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ) لِأَنَّهُ لَهُمَا يَمِينٌ أَوْ شَهَادَةٌ وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ، وَلَا مِنْ غَيْرِ بَالِغٍ، إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا (سَوَاءٌ كَانَا) أَيْ الزَّوْجَانِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ، حُرَّيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ، عَدْلَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ أَوْ مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَيْ الزَّوْجَيْنِ (كَذَلِكَ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزَوَاجَهُمْ} الْآيَاتِ، وَلِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» وَلِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَحْتَاجُ إلَى نَفْيِ الْوَلَدِ فَشُرِعَ لَهُ اللِّعَانُ طَرِيقًا إلَى نَفِيهِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ يُحَدُّ بِقَذْفِهَا. (وَإِذَا قَذَفَ أَجِنِّيَّةً فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لَهَا إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الْآيَةَ (وَ) عَلَيْهِ (التَّعْزِيرُ لِغَيْرِهَا) أَيْ لِغَيْرِ الْمُحْصَنَةِ (وَإِنْ قَذَفَهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةَ (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) حُدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ، لِأَنَّهُ وَجَبَ فِي حَالِ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً أَشْبَهَ مَا لَوْ تَزَوَّجهَا. (أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنَّ زَنَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَكِ حُدَّ وَلَمْ يُلَاعِن وَلَوْ) كَانَ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ، لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِزِنًا إضَافَةً إلَى حَالِ كَوْنهَا أَجْنَبِيَّةً، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَذَفَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجهَا وَفَارَقَ قَذْفَ الزَّوْجَةِ، لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ زِنَاهَا فَهُوَ الْمُغَرُّ، كَمَا فِي نِكَاحِ حَامِلٍ مِنْ الزِّنَا. (وَإِنْ مَلَكَ أَمَةً ثُمَّ قَذَفَهَا فَلَا لِعَانَ وَلَوْ كَانَتْ فِرَاشًا) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً (وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْإِحْصَانِ (وَيُعَزَّرُ) لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً. (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ ثَلَاثًا فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ) لِإِبَانَتِهَا بَعْد قَذْفِهَا، وَكَقَذْفِ الرَّجْعِيَّةِ (وَإِنْ قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةَ حُدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ، لِأَنَّهُ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا، إلَّا أَنْ يَكُون بَيْنهمَا وَلَدٌ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ) لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ إضَافَةُ قَذْفِهَا إلَى حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، لِاسْتِحَالَةِ الزِّنَا بِهَا بَعْدَ طَلَاقِهِ لَهَا (وَكَذَا لَوْ أَبَانَهَا بِفَسْخٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا فِي النِّكَاحِ أَوْ) قَذَفَهَا بِالزِّنَا (فِي الْعِدَّةِ أَوْ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَاعَنَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ) إنْ كَانَ، لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ بِحُكْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ، فَكَانَ لَهُ نَفْيُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ (فَلَا) لِعَانَ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْقَذْفِ، لِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً وَسَائِرُ الْأَجْنَبِيَّاتِ لَا يَلْحَقُهُ وَلَدُهُنَّ، فَلَا حَاجَةً إلَى قَذْفِهِنَّ فَلَوْ لَاعَنَهَا إذَنْ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ وَلَمْ يَثْبُتْ التَّحْرِيم الْمُؤَبَّد، لِأَنَّهُ لِعَانٌ فَاسِدٌ سَوَاءٌ اعْتَقَدَ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ أَمْ لَا، (وَيُحَدُّ أَيْضًا إنْ لَمْ يُضِفْ الْقَذْفَ إلَى النِّكَاحِ) لِأَنَّهُ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً. (وَإِنْ قَالَتْ) الْمَرْأَةُ (قَذَفْتَنِي قَبْل أَنْ تَتَزَوَّجَنِي وَقَالَ) الرَّجُلُ (بَلْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجْتُكِ فَقَوْلُهُ (أَوْ قَالَتْ) قَذَفْتَنِي (بَعْد مَا بِنْتُ مِنْكَ وَقَالَ بَلْ قَبْلَهُ فَقَوْلُهُ) لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْقَذْفِ، فَكَذَا فِي وَقْتِهِ وَإِنْ قَالَتْ أَجْنَبِيَّةٌ قَذَفْتَنِي وَقَالَ كُنْتِ زَوْجَتِي حِينَئِذٍ فَأَنْكَرَتْ الزَّوْجِيَّةَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا. (وَإِذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ثُمَّ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، كَانَ لَاحِقًا بِهِ) لِأَنَّهَا صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ وَقَدْ أَمْكَنَ لِحَاقُ الْوَلَدِ فَلَحِقَ (إلَّا أَنْ يَدَّعِي الِاسْتِبْرَاءَ) بَعْدَ الْوَطْءِ (فَيَنْتَفِي عَنْهُ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ بِالْوَطْءِ فِي الْمِلْكِ دُونَ النِّكَاحِ) وَقَدْ انْقَطَعَ حُكْمُ الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ بِالِاسْتِبْرَاءِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا أَوْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ (وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ وَطِئَ) بَعْدَ الْمِلْكِ (كَانَ مُلْحَقًا) بِهِ (بِالنِّكَاحِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مُنْذُ نَكَحَهَا (وَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ) لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ بِالنِّكَاحِ (وَهَلْ يُثْبِتُ هَذَا اللِّعَانُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ يُثْبِتُهُ، لِأَنَّهُ لِعَانٌ صَحِيحٌ. (وَإِنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الرَّجْعِيَّةَ) فِي عِدَّتِهَا (صَحَّ لِعَانُهَا) لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا لَا لِعَانَ فِيهِ فَالنَّسَبُ لَاحِقٌ بِهِ) أَيْ بِالزَّوْجِ، لِعَدَمِ مَا يَنْتَفِي بِهِ. (وَيَجِبُ بِالْقَذْفِ مُوجِبَهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ) لِعُمُومِ {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (إلَّا أَنْ يَكُون الْقَاذِفُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَلَا ضَرَرَ فِيهِ) لِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ» (وَلَا لِعَانٌ) لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِقَوْلِهِمَا. (وَإِنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا أَوْ) قَذَفَ زَوْجَتَهُ (الْمَجْنُونَةَ حَالَ جُنُونِهَا عُزِّرَ) لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يَنْحَطُّ عَنْ دَرَجَةِ السَّبَبِ، وَهُوَ يُوجِبُهُ فَكَذَا هُنَا (وَلَا لِعَانٌ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُ يَمِينٌ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ حَتَّى وَلَوْ أَرَادَ نَفْيَ الْمَجْنُونَةِ وَيَكُونُ وَلَدُهَا (لَاحِقًا بِهِ) لِعَدَمِ اللِّعَانِ (وَلَا يَحْتَاجُ فِي التَّعْزِيرِ إلَى مُطَالَبَةِ) مَنْ وَلِيُّهَا أَوْ غَيْرُهُ، فَيُقِيمُهُ الْحَاكِمُ بِلَا طَلَبٍ إذَا رَآهُ، لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِلتَّأْدِيبِ (وَإِنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (الصَّغِيرَةُ) الْمَقْذُوفَةُ (يُوطَأُ مِثْلُهَا كَابْنَةِ تِسْعٍ فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) كَسَائِرِ الْمُحْصَنَاتِ (وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَا بِالتَّعْزِيرِ) لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّشَفِّي، فَلَا تَدْخُلُهُ الْوِلَايَةُ كَالْقِصَاصِ (وَلَا لَهَا) الْمُطَالَبَةُ (حَتَّى تَبْلُغَ) لِيُعْتَبَر قَوْلُهَا (ثُمَّ إنْ شَاءَ الزَّوْجُ) بَعْدَ طَلَبِهَا (أَسْقَطَ الْحَدَّ بِاللِّعَانِ) كَمَا لَوْ قَذَفَهَا إذَنْ. (وَإِنْ قَذَفَ الْمَجْنُونَةَ وَأَضَافَهُ إلَى حَالِ إفَاقَتِهَا، أَوْ قَذَفَهَا وَهِيَ عَاقِلَةٌ ثُمَّ جُنَّتْ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا الْمُطَالَبَةُ) بِالْحَدِّ، لِأَنَّ طَرِيقَهُ التَّشَفِّي (فَإِذْ أَفَاقَتْ) الْمَجْنُونَةُ (فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْحَدِّ وَلِلزَّوْجِ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ: وَإِنْ قَذَفَهَا الزَّوْجُ وَهُوَ طِفْلٌ لَمْ يُحَدَّ) لِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» (وَإِنْ أَتَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ؛ إنْ كَانَ لَهُ دُونَ عَشْرِ سِنِينَ لِعَدَمِ إمْكَانِ لَحَاقِهِ بِهِ)، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بُلُوغُهُ (وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا فَلَا حُكْمَ لِقَذْفِهِ) كَسَائِرِ كَلَامِهِ (وَإِنْ أَتَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ فَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِهِ) لِعُمُومِ حَدِيثِ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» (فَإِذَا عَقَلَ) الْمَجْنُونُ (فَلَهُ نَفْيُهُ) بِاللِّعَانِ كَمَا لَوْ قَذَفَهَا إذَنْ (وَإِنْ ادَّعَى) الزَّوْجُ أَنَّهُ كَانَ ذَاهِبٌ الْعَقْلِ حِينَ قَذَفِهِ فَأَنْكَرَتْ وَلَا بَيِّنَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَالٌ عُلِمَ فِيهَا زَوَالُ عَقْلِهِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ، وَلَا قَرِينَةَ تُرَجِّحُ قَوْلَهُ (وَإِنْ عُرِفَ جُنُونُهُ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ حَالُ إفَاقَةٍ فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَإِنْ عُرِفَ لَهُ الْحَالَانِ) أَيْ حَالُ إفَاقَةٍ وَجُنُونٍ وَادَّعَى أَنَّهُ قَذَفَهَا فِي جُنُونِهِ (فَ) فِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: قُبِلَ قَوْلُهَا فِي الْأَصَحِّ. .فَصْلٌ: الشَّرْطُ الثَّانِي: الْقَذْفِ: (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الَّتِي فِي حِبَالِهِ لَمْ تَزْنِي) وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي (أَوْ) قَالَ لَهَا (لَمْ أَقْذِفْكِ وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي فَهُوَ وَلَدُهُ فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ، وَهِيَ فِرَاشُهُ (وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْهَا بِالزِّنَا (وَإِنْ قَالَ) أَيْ لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي لِامْرَأَتِهِ (بَعْد أَنْ أَبَانَهَا أَوْ قَالَهُ لِسُرِّيَّتِهِ فَشَهِدَتْ بِبَيِّنَةٍ، وَتَكْفِي أَنَّهَا امْرَأَةٌ مُرْضِيَةٌ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ لَحِقَهُ: نَسَبُهُ) إذْ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ (وَإِنْ قَالَ) عَنْ وَلَد بِيَدِهَا (مَا بِتَجْتَنِبُ وَإِنَّمَا التقطتيه أَوْ استعرتيه فَقَالَتْ: بَلْ هُوَ وَلَدِي مِنْك لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا) عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (وَلَا يَلْحَقهُ نَسَبُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَتَكْفِي امْرَأَةٌ مُرْضِيَةٍ تَشْهَدُ بِوِلَادَتِهَا لَهُ، فَإِذَا ثَبَتَتْ وِلَادَتُهَا) لَهُ (لَحِقَهُ نَسَبُهُ) لِأَنَّهَا فِرَاشُهُ، وَالْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ (وَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا الْوِلَادَةُ، فَإِذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِهَا) لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تُقْبَلُ إذَا أَقَرَّ بِالْحَمْلِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى فِي فَصْلِ تَعْلِيقِهِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ (وَلَا) تُقْبَلُ (دَعْوَى الْأَمَةِ لَهَا) أَيْ لِلْوِلَادَةِ (لِتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّهَا خِلَافُ الْأَصْلِ (وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ) أَيْ فِي أَنَّهَا وَلَدَتْ (لِتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ) لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ عَلَى نَفْسِهَا فِي ذَلِكَ. (وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَأَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا وَنَفَى الْآخَرَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ) فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ وَلَمْ يَنْفِهِ (لَحِقَهُ نَسَبُهُمَا) حَيْثُ كَانَ بَيْنَهُمَا دُون سِتَّةِ أَشْهُرٍ، لِأَنَّهُ حَمْلٌ وَاحِدٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ مِنْهُ وَبَعْضُهُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَإِثْبَاتِهِ لَا لِنَفْيِهِ، وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُحْكَمْ بِنَفْيِ مَا أَقَرَّ بِهِ تَبَعًا لِلَّذِي نَفَاهُ بَلْ حُكِمَ بِثُبُوتِ نَسَبٍ نَفَاهُ تَبَعًا لِمَنْ أَقَرَّ بِهِ (وَإِنْ كَانَ قَذَفَ أُمَّهُمَا فَطَالَبَتْهُ بِالْحَدِّ فَلَهُ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ) لِأَنَّ اللِّعَانَ تَارَةً يُرَادُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَتَارَةً لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ، فَإِذَا تَعَذَّرَ نَفْيُ الْوَلَدِ لِمَا سَبَقَ بَقِيَ اللِّعَانُ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ (وَالْأَخَوَانِ الْمَنْفِيَّانِ) بِاللِّعَانِ (أَخَوَانِ لِأُمٍّ فَقَطْ لَا يَتَوَارَثَانِ بِأُخُوَّةِ أُبُوَّةٍ) لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ انْقَطَعَتْ بِاللِّعَانِ. (وَإِنْ أَتَتْ) زَوْجَةٌ (بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ) زَوْجُهَا (وَلَاعَنَ لِنَفْيِهِ ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ: لَمْ يَنْتِفْ الثَّانِي بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ كَانَ حَمْلًا وَلَا يَصِحُّ فِيهِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ كَمَا يَأْتِي (وَيَحْتَاجُ فِي نَفْيِهِ إلَى لِعَانٍ ثَانٍ فَإِنْ أَقَرَّ) الزَّوْجُ (بِ الْوَلَدِ الثَّانِي أَوْ سَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ لِأَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ لِكَوْنِ مَا بَيْنَهُمَا أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرِ) فَهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ (وَإِنْ أَتَتْ) بِالْوَلَدِ الثَّانِي (بَعْد سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَا تَوْأَمَيْنِ وَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ) لِأَنَّهُ حَمْلٌ مُسْتَقِرٌّ لَمْ يُقِرَّ بِهِ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ) أَيْ الْوَلَدَ الثَّانِي (أَوْ تَرَكَ نَفْيَهُ لَحِقَهُ) نَسَبُهُ (وَلَوْ كَانَتْ قَدْ بَانَتْ بِاللِّعَانِ، لِأَنَّهُ يُمْكِن أَنْ يَكُونَ قَدْ وَطِئَهَا بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَاعَنَهَا قَبْلَ وَضْعِ الْأَوَّلِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْحَقْهُ) نَسَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يُمْكِن أَنْ يَكُون الْوَلَدَانِ حَمْلًا وَاحِدًا عَلِمَ أَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَكَوْنهَا حَمَلَتْ بِهِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ (وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ تَوْأَمَيْنِ أَوْ مَاتَا فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِ النَّسَبِ) لِأَنَّ الْمَيِّتَ يُنْسَبُ إلَيْهِ فَيُقَالُ ابْنُ فُلَانٍ وَيَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهُ وَتَكْفِينُهُ. .فَصْلٌ: الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ تُكَذِّبَهُ الزَّوْجَةُ: (وَإِنْ مَاتَ أَحَدهمَا أَيْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ اللِّعَانِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ لِعَانِ أَحَدِهِمَا أَوْ) مَاتَ أَحَدُهُمَا (قَبْلَ لِعَانِهَا وَرِثَهُ صَاحِبُهُ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِكَمَالِ اللِّعَانِ (وَلَحِقَ الزَّوْجَ نَسَبُ الْوَلَدِ) لِأَنَّ النِّكَاحَ إنَّمَا يَقْطَعُهُ اللِّعَانُ كَالطَّلَاقِ (وَلَا لِعَان) لِأَنَّ شَرْطَهُ مُطَالَبَةُ الزَّوْجَةِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ (لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَدْ طَالَبَتْ فِي حَيَاتِهَا: فَإِنَّ أَوْلِيَاءَهَا يَقُومُونَ فِي الطَّلَب بِهِ) أَيْ بِحَدِّ الْقَذْفِ (مَقَامَهَا) لِأَنَّهُ يُورَثُ عَنْهَا إذَنْ (فَإِنْ طُولِبَ بِهِ) أَيْ بِالْحَدِّ (فَلَهُ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ) كَمَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً. (وَإِذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَلَهُ بَيِّنَةٌ بِزِنَاهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ لِعَانِهَا وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ) عَلَيْهَا بِالزِّنَا لِأَنَّهُمَا سَبَبَانِ وَيَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَا يَحْصُلُ بِالْآخَرِ، فَيَحْصُل بِاللِّعَانِ نَفْيُ النَّسَبِ الْبَاطِلِ وَبِالْبَيِّنَةِ الْحَدُّ عَلَيْهَا (وَإِنْ قَالَ) الْقَاذِف (لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ أُقِيمهَا أُمْهِلَ الْيَوْمَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ) لِيُحْضِرَهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِيبٌ (فَإِنْ أَتَى بِالْبَيِّنَةِ) وَشَهِدَتْ فَلَا حَدَّ فَإِنْ أَقَامَ رَجُلَيْنِ بِتَصْدِيقِهَا لَهُ ثَبَتَ التَّصْدِيقُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ زِنَاهَا إلَّا بِإِقْرَارٍ بِأَرْبَعَةٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا أَوْ لَمْ تَكْمُلْ (حُدَّ) لِلْقَذْفِ (إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ إنْ كَانَ) الْقَاذِفُ (زَوْجًا) فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِلِعَانِهِ. (فَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ (قَذَفْتُهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ، فَقَالَتْ: بَلْ) قَذَفْتَنِي وَأَنَا (كَبِيرَةٌ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً لِمَا قَالَ فَهُمَا قَذْفَانِ) مُوجِب أَحَدِهِمَا الْحَدُّ وَالْآخَرُ التَّعْزِيرُ، لِإِمْكَانِ تَعَدُّدِ الْقَذْفِ (وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْكُفْرِ) بِأَنْ قَالَ قَذَفْتُهَا وَهِيَ كَافِرَةٌ، قَالَتْ بَلْ مُسْلِمَةٌ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (الرِّقِّ) بِأَنْ قَالَ قَذَفْتُهَا وَهِيَ رَقِيقَةٌ، فَقَالَتْ بَلْ حُرَّةٌ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (الْوَقْتِ) بِأَنْ قَالَ قَذَفْتُهَا يَوْم الْخَمِيسِ فَقَالَتْ بَلْ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ فَهُمَا قَذْفَانِ (إلَّا أَنْ يَكُونَا مُؤَرِّخَتَيْنِ تَارِيخًا وَاحِدًا فَيُسْقَطَانِ فِي أَحَد الْوَجْهَيْنِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَكَذَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَذْفٌ وَاحِدٌ (وَفِي) الْوَجْهِ الْآخَرِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا،. (فَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ قَذَفَ فُلَانَةَ وَقَذَفَهُمَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا) عَلَيْهِ (لِاعْتِرَافِهِمَا بِعُدْوَانِهِ) لِادِّعَائِهِمَا أَنَّهُ قَذَفَهُمَا (وَإِنْ أَبْرَأهُ) مِنْ الْقَذْفِ (وَزَالَتْ الْعَدَاوَةُ ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِقَذْفِ زَوْجَتِهِ (لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ (بَعْد رَدِّهَا) لِلتُّهْمَةِ (وَإِنْ ادَّعَيَا أَنَّهُ قَذَفَهُمَا ثُمَّ زَالَتْ الْعَدَاوَة ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ بِقَذْفِ زَوْجَتِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا)، لِأَنَّهُمَا لَمْ يَرُدَّا فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ (وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ ادَّعَيَا أَنَّهُ قَذَفَهُمَا، فَإِنْ أَضَافَا دَعْوَاهُمَا إلَى مَا قَبْل شَهَادَتِهِمَا بَطَلَتْ) شَهَادَتُهُمَا لِاعْتِرَافِهِمَا بِالْعَدَاوَةِ حِينهَا (وَإِنْ لَمْ يُضِيفَاهَا وَكَانَ ذَلِكَ) أَيْ دَعْوَاهُمَا قَذْفَهُمَا (قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا لَمْ يُحْكَمْ بِهَا) أَيْ بِشَهَادَتِهِمَا لِلتُّهْمَةِ وَ(لَا) يَمْنَعُ الْحُكْمُ إنْ كَانَتْ دَعْوَاهُمَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِمَا حَدَثَ مِنْ الْعَدَاوَةِ (وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَأُمَّهُمَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا) لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ، فَإِذَا رُدَّتْ لِأُمِّهِمَا لَزِمَ رَدّهَا لِامْرَأَتِهِ (وَإِنْ شَهِدَا عَلَى أَبِيهِمَا أَنَّهُ قَذَفَ ضَرَّةَ أُمِّهِمَا قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمَا، لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِأَبِيهِمَا (وَإِنْ شَهِدَا) عَلَى أَبِيهِمَا (بِطَلَاقِ الضَّرَّةِ فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا تُقْبَلُ كَمَا يَأْتِي فِي مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْأَبِ. (وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ قَذَفَهَا وَشَهِدَ) شَاهِدٌ آخَرُ أَنَّهُ (أَقَرَّ بِذَلِكَ بِالْعَجَمِيَّةِ ثَبَتَتْ الشَّهَادَةُ) لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْعَجَمِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ عَائِدٌ عَلَى الْإِقْرَارِ دُونَ الْقَذْفِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَذْفُ وَاحِدًا وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِي مَرَّتَيْنِ (وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ بِقَذْفِهَا، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُمَا لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَ) شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَذَفَهَا (بِالْعَجَمِيَّةِ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَذَفَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ) أَنَّهُ قَذَفَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ: لَمْ يَثْبُتْ أَحَدُ الْقَذْفَيْنِ لِعَدَمِ كَمَالِ نِصَابِهِ. (وَإِنْ لَاعَنَ) الزَّوْجُ (وَنَكَلَتْ) الزَّوْجَةُ (عَنْ اللِّعَانِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا) لِأَنَّ زِنَاهَا لَمْ يَثْبُتْ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ (وَحُبِسَتْ حَتَّى تُقِرَّ أَرْبَعًا أَوْ تُلَاعِنَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} الْآيَةَ، فَإِذَا لَمْ تَشْهَدْ وَجَبَ أَنْ لَا يُدْرَأَ عَنْهَا الْعَذَابُ وَلَا يَسْقُطُ النَّسَبُ إلَّا بِالْتِعَانِهِمَا جَمِيعًا لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَائِمٌ وَالْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ (وَلَا يُعْرَضُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَا يُتَعَرَّضُ (لِلزَّوْجِ) بِحَدٍّ وَلَا مُطَالَبَةٍ بِلِعَانٍ (حَتَّى تُطَالِبَهُ) زَوْجَتُهُ الْمَقْذُوفَةُ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا فَلَا يُقَامُ بِغَيْرِ طَلَبِهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، فَإِنْ عَفَتْ عَنْ الْحَقِّ أَوْ لَمْ تُطَالِبْ لَمْ تَجُزْ مُطَالَبَتُهُ بِنَفْيِهِ وَلَا حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ (فَإِنْ أَرَادَ اللِّعَانَ مِنْ غَيْرِ طَلَبِهَا، فَإِنْ كَانَ بَيْنهمَا وَلَدٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ فَلَهُ ذَلِكَ) قَالَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُقْنِعِ وَغَيْرُهُمَا «لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاعَنَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَزَوْجَتُهُ لَمْ تَكُنْ طَالَبَتْهُ»، لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى نَفْيِهِ، وَلِأَنَّ نَفْيَ النَّسَبِ الْبَاطِلِ حَقٌّ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِرِضَاهَا بِهِ كَمَا لَوْ طَالَبَتْ بِاللِّعَانِ وَرَضِيَتْ بِالْوَلَدِ وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيّ لَا يُشْرَعُ وُجُودُ الْوَلَدِ عَلَى أَكْثَرِ نُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ أَحَدُ مُوجِبِي الْقَذْفِ فَلَا يُشْرَعُ مَعَ عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ كَالْحَدِّ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلَدٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
|